بحـث
المواضيع الأخيرة
ملخص كتاب : الشباب والبحث عن الذات
صفحة 1 من اصل 1
ملخص كتاب : الشباب والبحث عن الذات
ملخص كتاب : الشباب والبحث عن الذات .
● ـ تلخيص : محمد نوار .
* صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 2007م، كتاب "الشباب والبحث عن الذات"، وهو عبارة عن مجموعة ندوات لكبار العلماء والمفكرين والإعلاميين؛ التي نُظمت من أجل الحوار مع الشباب، ومساعدتهم في رحلة بحثهم عن الذات، والكتاب من إعداد محمد نوار؛ الذي أكد في مقدمة كتابه، على أنه ستظل قضية المستقبل مرتبطة دائمًا بالشباب، وقدرته على الحلم .. والعمل على تحقيق هذا الحلم من هنا، وفي وبعد انتهاء القرن العشرين .. واكتمال الألفية الثانية .. ومع بداية القرن الواحد والعشرين .. والألفية الثالثة .. كان لا بد من إثارة عدة قضايا، من خلال الحوار الجاد مع الشباب، من خلال عقد مجموعة من النداوت، نظمها رامتان طه حسين، وهو أحد أهم مراكز الإشعاع الثقافية في مصر، والذي أقامته وزارة الثقافة؛ ليكون أحد لبنات مشروع خلق أجيال قادرة على تحمل مسئوليتها .
* فقد كان الهدف من تلك الندوات التعرف على أين الشباب مما يحدث الآن ..؟!، أين الشباب في عالم السماوات المفتوحة وعصر تدفق المعلومات ..؟!، أين الشباب من قضايا الوطنية في عالم بلا هوية، وهو عالم ما يسمى بالعولمة ..؟!، أين الشباب وعلوم المستقبل، وما توصل إليه العلم من اكتشافات مذهلة، قد تعيد اكتشاف الإنسان من جديد ؟، أين الشباب من هويته العربية ؟، أين الشباب وأحلامه في عالم الفنون ..؟!، وأيضًا أين الشباب وسط أمواج الحياة القوية؛ التي تؤثر فيه أحيانًا بالتفاؤل وتقوي عزيمته .. ومرات تؤثر فيه بالإحباط ؟!.
*كما سعت الندوات إلى التعرف على أين الشباب من أحوال مصر طوال نصف القرن الأخير ؟!، من خلال الحوار معهم؛ فالذي يرى تاريخه رؤية حقيقية يرى أنه شرط أساسي لحسن التعامل مع الحاضر .. وشرط جوهري لحسن التخطيط للمستقبل، أما التعامل معه باعتباره مجرد مادة للتغني بما حدث، وبما كان؛ فهذا تخريب لمعنى التاريخ نفسه؛ فالتاريخ يعني "العظة والاعتبار" كما يقول ابن خلدون .
** خطر فقد الهوية .
* الفصل الأول كان لعرض ندوة "الشباب .. والوطنية في عالم بلا هوية"؛ التي تحاور فيها مع الشباب دكتور حسين كامل بهاء الدين، والكاتب الصحفي مرسي عطا الله، والدكتور حامد عمار .. ولقد تم التأكيد أن مجتمعاتنا جميعًا، خاصة تلك المجتمعات التي اصطُلح على تسميتها بمجتمعات الدول النامية .. أو مجتمعات العالم الثالث؛ التي يوشك غول العولمة أن يلتهمها في جوفه .. يجب أن تنطلق فيها صيحات تحذيرية؛ حتى لا تُطمس معالم هويتنا، وتُمسخ شخصيتنا، خاصة أننا نملك أوراقًا قوية، ونملك جدرانًا صامدة، نستطيع بها أن نواجه ما لا يمكن أن يرد على البال من مخاطر، إذا استطاعت رياح العولمة أن تخترق الحدود والسدود .
* علينا الحذر من أن تسحب منا مغريات العولمة أهم ما نملك، وهو تاريخنا وعقائدنا، وقيمنا؛ التي توارثناها جيلًا بعد جيل، وأن تؤدي العولمة إلى أن نفقد أهم احتياطي إستراتيجي لامتنا .. وهذا الاحتياطي الإستراتيجي ليس احتياطيًّا إستراتيجيا يتعلق بالسلاح أو بالمال أو بالنفط، وإنما هو ذلك الاحتياطي الإستراتيجي؛ الذي قد لا يتوافر لغيرنا، ألا وهو ثقافتنا وأصالتنا، وما لدينا من تاريخ، وما لدينا أيضًا من موقع جغرافي متميز .
* وعلينا التنبؤ بمخاطر اللا هوية، فليس هناك ما هو أخطر على أية أمة من أن تفقد هويتها !، نحن نفقد هويتنا إذا سمحنا للمصطلحات الأجنبية بأن تجري على ألسنتنا بدلًا من لغتنا العربية، وإذا سمحنا بتسلل عادات وسلوكيات لا تتفق مع مجتمعاتنا؛ فنحن نملك هوية عمرها أكثر من ألف وأربعمائة عام، ولا يمكن للتكنولوجيا ولا للتقدم العلمي أن تصنع تاريخًا ولا ثقافة، قد تصنع تفوقًا مطلقًا لمرحلة من المراحل، لكنه تفوق لا يستند إلى الركيزة الأساسية، وهي ركيزة الثقافة، وركيزة الانتماء، وركيزة الهوية .
* إننا قادرون إذا امتلكنا أسباب الثقة بالنفس على أن نتصدى لكل هذه المخاطر، ولسلبيات وتبعيات العولمة؛ التي هي في حقيقة الأمر اسم بديل (للأمركة)؛ لأن ما يحدث هو رغبة في طرح وفرض ونشر قيم مجتمع بلا جذور، ويمثل خليطًا من كل أجناس البشر، نحن الآن بالفعل بصدد وباء قادم، وهذا الوباء له شواهد ومخاطر لا بد أن ننظر لها؛ لكي نضع روشتة العلاج بمنهج الطبيب .. أي إننا لا بد أن نعلم ما هي الأخطار، فهناك خطر سياسيّ، وهناك خطر اقتصاديّ، وخطر اجتماعيّ، وخطر ثقافيّ .
* أما الخطر السياسي فيتمثل أساسًا في تحويل العالم إلى عالم بلا خريطة، تحت شعار انتفاء أهمية عنصر المكان؛ فمرة يقولون نحن في عصر اللا مكان؛ الذي تستطيع أن تذهب فيه إلى أي مكان في العالم، بأسرع مما نتخيل، وأن تجري اتصالات وتجري عمليات عبر شاشات الإنترنت، وعبر ثورة الاتصالات .. وعندما ينتفي عنصر المكان فلا يوجد إذًا شيء اسمه وطن أو وطنية، وعندما تغيب الوطنية فستكون الغلبة للأقوياء في هذا المجتمع، فالقائمون على الأرض ستضاف إليهم سيطرتهم على بقية العالم .. هذا باختصار هو أخطر ما في البعد السياسي : إلغاء أهمية الخريطة الجغرافية؛ التي تحدد الأوطان منها منطلقات الوطنية؛ فالوطنية هي الوطن، ولا توجد وطنية بلا وطن، وهذا هو الخطر الأساسي للعولمة؛ الذي أعتقد أن الكتاب يستهدف أن يحذر منه .
* أما الخطر الآخر فهو الخطر الاجتماعي، وهو يستهدف إحداث تفسخات اجتماعية، تمس القيم والثوابت؛ التي حمت المجتمعات، خصوصًا ذات الصلة الوثيقة بالقيم الروحية والدينية، وبالأرض التي هبط فيها الأنبياء، وقد كانت سيطرة الاستعمار تتم عن طريق حرب الأفيون، فتفكك المجتمعات، بعد أن يذهب بعقول أبنائها، ويغيبها عن الوعي، وبالتالي تسهل السيطرة عليها .
** مرحلة الرعب من الأخطار .
* والحقيقة أنه قد شهدت السنوات الأخيرة مناقشات كثيرة ومتعددة حول موضوع العولمة، والدخول إلى العالمية والكوكبة، وتغير معايير الزمان والمكان، وقد بدت في ثنايا هذا النقاش الهائل آراء، ترى أن الوطنية هي سباحة ضد التيار، وأنها عودة إلى الماضي، وتخلف فكري واضح، وأنها معايير لم تعد تليق بحاضرنا، أو بالتغيرات العالمية التي من حولنا .
* وهناك شعور بتخوف شديد، يكاد يصل إلى مرحلة الرعب، من الأخطار التي تحيط بهذا الوطن، وبشعب ترجع حضارته إلى أكثر من سبعة آلاف سنة، تخللها تماسك رائع في النسيج الاجتماعي لهذا الوطن: أصوله وصفاته ولغته ودياناته ومميزاته الاجتماعية، وكل ما يمكن أن يجمع شعبًا حول نية ما .. ويلفت هذا نظر كثير من المؤرخين؛ لأن هذا الثبات على مدى آلاف السنين تكاد تنفرد به مصر، دون معظم دول العالم .. والآن في إطار العولمة التي نشعر بها جميعا نحن في مواجهة طوفان جديد، أو إعصار خفي .. لكن السؤال هو : هل هذا الطوفان أو الإعصار حدث مفاجئ، ومسألة تفجرت لتفاجئ العالم؛ الذي كان غائبًا عنها، أم إن هذا كان له جذوره التاريخية ؟!.
* في الواقع أن العولمة لها جذورها التاريخية التي ترجع إلى بدايات القرن الخامس عشر، حينما كان الإنسان يتحول من البعد الأول الذي سادت فيه العزل الإنسانية مليوني سنة أو أكثر إلى عصر عبور جديد، به المسافات شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا، بفضل النقلة النوعية الخطيرة التي حدثت، وتمثلت في الأساطيل البحرية الكبيرة؛ التي نشأت نتيجة تطور تكنولوجيا النقل البحريّ، في القرن الخامس عشر، واختراع كثير من المعدات؛ التي ساعدت على اقتحام المحيطات والبحار .
* لقد تغيرت أساليب الإنتاج والاقتصاد، وشهد العالم ثلاث ثورات أساسية، من تاريخ الثورة الزراعية والثورة الصناعية، ودخلنا عصرًا جديدًا بكل المقاييس، وصلنا فيه للفضاء، ووصلنا فيه لأعماق الخلية الإنسانية، وتمت اكتشافات هائلة في كل المجالات .
* كما أدخلنا المواد الجديدة بدلا من المواد الخام .. وعن طريق الكيمياء الإحصائية، والبيولوجية الإحصائية، والذكاء الصناعي، والتكنولوجيا فائقة الصغر، توصل الإنسان إلى اكتشاف مواد جديدة، أكثر ملاءمة، وأطوال عمرًا، وأشد صلابة، وأكثر مرونة، وأكثر قدرة على تحقيق المواصفات من المواد الخام؛ التي كانت عماد الإنتاج على امتداد عقود وقرون .. بالاتصالات أصبح الحدث عالميًا بمجرد وقوعه .. سقطت كل الحواجز بفعل اختراق هذه الثورة التكنولوجية للحدود وللزمان وللمكان، وسقطت بفعل إصرار القوى الجديدة في العالم على اختراق هذه الحدود .. ولا يوجد نظام لا يطيق قيودًا كما يفعل النظام الرأسماليّ، ولا يمكن أن تكون هناك أنشطة أكثر اجتراءً على الحدود مثل التجارة؛ فالتجارة لا تطيق حدودًا جغرافية ولا وطنية، وأحيانًا لا تطيق حدودًا أخلاقية .
* ونحن جنس بشريّ عانى كثيرًا من حركة العبيد والاسترقاق، لكن حركة الاسترقاق والعبيد تعود مرة أخرى، في صورة أبشع بكثير، فقد استطاعت التكنولوجيا الحديثة، والتكنولوجيا الحيوية، أن تسيطر على الجينات .. والعالم الذي كان في يوم من الأيام عالمًا حرًا يتغنى بعدم التفرقة، ويتغنى باختفاء النزعات العنصرية، ويدين ويشجب تطلعات هذه الدعوة عالميًا؛ للسيطرة على الجينات، وحركة التحكم في الجنس البشريّ، بدعوى أن البقاء للأصلح .
* لذلك لا بد من الاهتمام بالإنسان بكل زمان، وعلى العالم أيضًا النظر إلى أهمية الاهتمام بالشئون الإنسانية، في كل زمان، وهذه مسألة ضرورة لبقاء الجنس البشري، لا بد من حب الإنسانية، ومن مبدأ المساواة، وعلى مستوى التكافؤ؛ لأن نفس الآليات التي مكنت الدول من أن تصل إلى هذه المرحلة من التقدم والقوة، هي نفسها التي سوف تتسبب في تدميرها، إذا اتبعت مثل هذه السياسة؛ التي توجه الإنسان في كل مكان وزمان .
* هؤلاء المهشمون واليائسون إذا فاض بهم الكيل، وسُدت أمامهم طرق الحياة؛ فسيهدمون المعبد على أنفسهم وعلى غيرهم، وهذا هو الخطأ الذي يحيط بكل دول العالم، كبرت أم صغرت، قويت أم ضعفت .. لذلك نحن لا يمكننا أن نتجاهل أية مشكلة تهمنا في العالم لعدة اعتبارات، فأية كارثة بيئية مثلا تحدث في العالم يمكن أن تصيب أطفالنا، أو الأجيال القادمة، وأيّ اختلال في التوازن البيولوجي في أي مكان في العالم يمكن أن يصيبنا هنا، أية أوبئة في العالم يمكن أن تنتقل إلينا .. أي إرهاب في العالم ممكن أن يصل إلى بلادنا؛ فاليوم لا بد أن نتعاون ونتشارك في نظرة إنسانية لحل مشاكل العالم كلها، من موقع المشاركة .
* ونحن بالفعل دخلنا في العالم اللا مكاني.. المكان الاعتباري الذي نصنعه أحيانًا بالتكنولوجيا .. فهناك إمكانيات هائلة، وأخطار محدقة، وعلينا أن نحقق التوازن بين هذا وذاك .
** الشباب وصناعة المستقبل .
* الشباب الذي تقع علينا مسئولية تربية وتنميته، وتقع عليه صناعة المستقبل، ولذلك أجد أن هذا الكتاب من بين أفضل الكتب التي يمكن للشباب اقتناؤها، فيما يتعلق بقضايا العولمة : مخاطرها وتناقضاتها، وموقعنا بالنسبة لهذه التيارات، ومن حسن الحظ أن هذا الكتاب سيكون جزءًا من مكتبة الأسرة، وسوف يصبح أمام الشباب الفرصة لاقتنائه، ولتكوين رؤية فكرية تصوره على نحو ما يمكن أن تلقي عليه المسئوليات، في صناعة مستقبل هذا الوطن .
* وعلينا ربط قضايا العولمة بكل التحديات، ودق ناقوس الخطر والإنذار والتحذير؛ الذي ينبغي أن نأخذه بجدية في عين الاعتبار، في واقعنا، وفي فكرنا، وأن نضع شيئًا من أمل وعمل؛ لكي نحفظ هذا التوازن الصحي الإنساني الوطني، بين مخاطر العولمة وبين ما يمكن أن نواجهه من هذه المخاطر، سواء من فكر وسلوك أم من عمل وتعليم؛ لأن من أهم الأسلحة الاهتمام بالتعليم وتطويره، سواء في بينة التعليم ذاته، أم في المدرسة، أم في المناهج، أم في وظيفة المعلم، وهذه أهم مشكلة تعترض ليس العالم النامي فحسب، وإنما قطاعًا واعيًا ومستنيرًا من العالم الأول، أو دول الشمال؛ التي يقلقها أيضًا ما تزحف به تيارات العولمة، من النظرة للإنسان كفرد، وليس كمواطن .
* الشباب بين الطموح والإحباط .
* الفصل الثاني من الكتاب تعرض لقضية "الشباب .. بين الطموح والإحباط"، وتحدثت فيه الدكتورة سهير لطفي، والكاتب الصحفي صلاح منتصر، والدكتور عادل صادق، حيث تحاورت فيه مع الشباب الدكتورة سهير لطفي : فأوضحت في البداية أننا نعرف الشباب إما بالتعريف العمري وإما بالتعريف السلوكي، فإذا انتقلنا إلى الشباب حصاد مدخلات اجتماعية، تنتهي بمفردات اجتماعية، تتجدد في قطاع اجتماعي مستعرض لجميع شرائح وطبقات المجتمع .
* إذًا كل مجتمع له خصوصية في شبابه وخصائص شبابه، وهناك خواص مشتركة عظمى لشباب كل مجتمع، وكل مجتمع له تحديات، وله إحباطات، وأعتقد أن أهم تحدٍّ يواجه المجتمع الآن هو التعاطي والإدمان؛ لأنه من أخطر المشاكل، وخاصة مشكلة البانجو؛ التي تستشري في جميع الشرائح والقطاعات الشبابية في المجتمع .
* فكلنا الآن بالتأكيد نتحدث بطريقة مباشرة وغير مباشرة وتقول "ماذا فعلت الدولة"؟، وأنا أقول لكم : إن القضية ليست مكافحة جريمة، وضبط جريمة، القضية هي مسئولية الوعي والتخطيط، وأعتقد أن الأستاذ والمفكر العظيم الكاتب صلاح منتصر، في عموده اليوميّ، بدأ البداية الصحيحة بحديثه عن التدخين، ويشير من حين إلى آخر إلى مشكلة المخدرات، وأعتقد أن هذا القلم الجميل المتميز هو نتاج عملية التوعية، وفي هذا المجال أذكر أنه إذا كانت عندي القيم والأعراف الخاصة؛ التي تحكم سلوكياتي في قضية المخدرات، أعتقد أننا سنستطيع القضاء على هذا الخطر المحدق بنا .
* وفي هذا المجال أعطي مثالا لدولة من الدول في محيطنا، وهذه الدولة تقوم بزرع نبات غير مشروع، وتصدر هذا النبات غير المشروع، ولكن ليس هناك من يتعاطى المخدرات فيها أو يدمنها، رغم أنه لا يوجد هناك قانون يقول إن المخدرات "مجرمة" .
* وانطلاقًا من عملية التوعية والتثقيف يجب علينا أن نخاطب ونقاوم ونواجه الشائعات الزائفة، حول مزايا التعاطي والإدمان، وربما من خلال خبرتي يقال لي مثلا : إن تعاطي المخدرات يقوي البصر والناحية الجنسية، وهذه كلها شائعات زائفة، يجب علينا أن نقضي عليها ونواجهها .
* وهنا تحدث الصحفي صلاح منتصر، مؤكدًا أنه لكي نتكلم عن الشباب فإنني أبدأ حديثي بسؤال مهم : هل الشباب جانٍ أم مجنيّ عليه ؟، لو استطعنا الإجابة عن هذا السؤال لاستطعنا أن نتعرف على الأوضاع والظروف التي تحيط بشبابنا .
* إن الأجيال عبارة عن سباق يسلم فيه الجيل العلَمَ للجيل الذي يليه، وبالتالي يحدث نوع من التناغم والتناسق والتعانق بين الأجيال، ومن الواضح أننا منذ القرن العشرين توجد لدينا ثلاثة أجيال : جيل بدأ منذ بداية القرن، وجيل بدأ منذ عام 40، وجيل أخر في عام 70.. ولو نظرنا إلى جيل الأبِ وجيل الجد نجد تقاربًا كبيرًا بين حياة الجيلين، في الظروف المحيطة بهما، ونجد أن وسائل الحياة، والمفاهيم الاجتماعية والتكنولوجية متقاربة، والمعارك السياسية متقاربة .
* إذن نحن في مواجهة فجوات مجتمع أو شباب لم تكن مألوفة من جيلنا وجيل آبائنا، وزادت على ذلك الفجوة التي حدثت بسبب الزيادة السكانية الكبيرة؛ التي خلقت نوعًا من المشاكل، أصبح اليوم يمثل عبئًا على التلميذ وهو ذاهب إلى المدرسة؛ لأنه نوع من "الشربة المريرة"؛ التي عليه أن يشربها كي يواجه الامتحان .. بينما أنا لم أشعر بالمرة بأي عبء أو معاناة، بل على العكس كانت السنة الدراسية بالنسبة لنا متعة كبيرة جدًا من الحياة الاجتماعية؛ التي نتمنى ألا تنتهي .
* إذن تغير شكل التعليم، وأصبح الآن هدفه الامتحان والمجموع الكبير، وبمجرد انتهاء الامتحان ينسى التلميذ كل ما تعلمه، في حين أن هناك فارقًا بين التلميذ الذي يدخل الامتحان ليفكر، والتلميذ الذي يدخل الامتحان ليتذكر، وهذا هو الفرق أيضًا بين التعليم عندنا وعند الدول المتقدمة .
** القدوة من أخطر القضايا .
* ويضيف الكاتب الصحفي صلاح منتصر : إن القدوة في مصر قضية من أخطر ما يمكن، وهي قضية نموذجية في الهدم الذي حدث، عندما قلت : إن الهدم يحدث في فترة قصيرة، والبناء يأخذ وقتًا كبيراً .. وأضيف أن قضية القدوة تم هدمها منذ بدأت عملية أهل الثقة والولاء، ثم الهابطين من فوق .. كل هذا أدى إلى هدم القدوة، وبالتالي تأثرت الرموز في المجتمع .
* وفي أي مجتمع : المدرس، رجل البوليس، ورجل العدالة، قل ما تشاء فيمن تريد إلا هؤلاء الثلاثة .. إذا حافظت عليهم تستطيع أن تحمي المجتمع .. لكني أقول : إن المدرس تعرض لانهيار كامل، ورجل البوليس علاقتنا معه لم تصبح بالمعنى الذي كنا نحترمه، وقضاؤنا والعدالة ربنا يحفظها لكي لا تظلم وتقع مرة واحدة .
* أما الإعلام والأغاني الخاصة بالمليونيرات؛ فأنا مؤمن بأن جميع هذه الأغاني مثل زجاجة المياه الغازية، تخرج منها الصودا، وبعد ساعتين أو ثلاث تفقد كل ما فيها، وتصبح مشروبًا ميتًا بلا طعم، على عكس جميع الأغاني القديمة .. وهناك مشكلة تعرضنا لها، ألا وهي صعود طبقة من القادرين من غير المتعلمين، أن يرفع من مستوى حياته، فتجد شخصًا يشتري لوحات وأنتيكات، وهذا نوع من التعبير عن الثقافة .
* بينما الحرفي عندما تجيء له أموال يتزوج على زوجته، فيصبح قليل الأدب، ويشرب مخدرات، وألفاظه تصبح سوقية بكل أسف، وقد تحدثنا عن طفرة استهلاكية كبيرة أصبحت تنتج هذه الطبقة، ولهذا أصبح المجتمع يستجيب لها .. كل أشرطة الكاسيتات وأشياء استهلاكية كثيرة أصبحت تنتج لهذه الطبقة الجديدة؛ التي يراها في الحارة وهي تركب أفخم السيارات؛ لأن أصحاب الحرف أصبحوا هم الذين يستطيعون شراءها .
*ويقول : إنني أنظر إلى الدين كعمل، والعمل عبادة .. وأنظر إلى الدين من خلال الآية الكريمة التي تقول: (قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ) (العنكبوت : 20) .. كلمة سيروا في هذه الآية تعني العمل بالفكر والعقل، وبكل الوسائل، وكلمة "فانظروا" تعني هنا التأمل والتجربة، والبحث عن "كيف بدأ الخلق" .. عليك أن تفكر في كيفية بدء الخلق، وتستعين بكل العلوم التي يمكن أن تكون موجودة أو متاحة، معنى هذا أن الدين هو أكبر محرِّض على العلم .
* لماذا يُحبَط الشباب ؟
* ثم يتحدث الدكتور عادل صادق عن الإحباط، مؤكدًا أنه حالة نفسية، تعني أننا انتقلنا من الحالة السوية إلى حالة معينة، تسيطر على الإنسان حينما يحاول حل مشكلة، أو الوصول إلى هدف ما، مرة بعد الأخرى .. ويقول : لماذا يحبط الشباب وييأس ؟، أعتقد لأنه لم يدرك بعد أن العالم بدأ يتغير، وأن الشباب في العالم كله عنده نفس المشاكل، ولكنه قد وجد حلولًا لها .. فعلى الرغم من التغيرات التي حدثت، والتطورات التي كانت، إلا أن شبابنا لا يزال يرغب في أن يعيش بنفس الطريقة التي كنا نعيشها، وهذه إشكالية يقع فيها الشباب اليوم .. إن الشباب لديه ثلاثة أنواع من المشاكل : تعامله مع الأسرة، وكيفية التوازن في هذه العلاقة .. فمثلا الفجوة التي بيني وبين أبي أقل كثيرًا من الفجوة التي بيني وبين ابني، ومن التي ستكون بينه وبين ابنه، وهكذا .. ويجب أن نتيح للابن أن يعبر عن نفسه، وأن ندعمه، وأن ننمي هذا فيه، وأن نصنع التوازن بين الاحترام والديمقراطية وحرية الرأي وحرية التعبير عن الرأي .
* بالإضافة إلى تعلم كيفية التعامل مع المجتمع ومؤسساته فهناك أشياء "تسد النفس" مثل الإعلام والنفاق .. لكن هذه مراحل يمر بها أي شعب في التعامل مع العالم والعولمة؛ ولذا فإنني أتحدث عن مستويات تعامل الشباب مع الأسرة ومع المجتمع ومع العالم .
* خصص محمد نوار، مُعِد هذا الكتاب، هذا الفصل لندوة "الشباب .. والحياة السياسية"؛ التي تحدث فيها المستشار طارق البشري، والذي أوضح خلالها أنه عندما نفكر في حركات الشباب في التاريخ المصري، لن نجد أية أشارة مباشرة إليها، خاصة قبل القرن التاسع عشر، والذي أراه أنه في القرن العشرين توجد حركات من الممكن أن أطلق عليها "حركات الشباب" بالفعل .. أما عندما تكون مندرجة وموجودة في الحركات السياسية والحزبية فهنا يمكن أن يصدق عليها ما يصدُق على غيرها من الشرائح العمرية المختلفة، ومن ثم لا نصفها بأنها حركة شبابية؛ لأنها حركة نسبية، تجمع الشباب وغير الشباب أيضًا، وبالتالي لا تتميز بأنها حركة شباب، فوجود الشباب داخل الأحزاب المختلفة كان على مدى تاريخنا وحركاتنا الحزبية، منذ القرن العشرين، أو قبله بقليل .
* ويقول المستشار طارق البشري : كيف تبدأ حركة الشباب إذًان ؟ تبدأ الحركة بوصفها حركة شباب، متميزة عن غيرها من الحركات السياسية الموجودة، وسنجدها موجودة في تاريخنا الحديث في القرن العشرين بالذات؛ لأنها تكررت تقريبًا خمس أو ست مرات في هذا القرن .
* وفى نظري أن أهم شيء نستطيع فعله الآن هو تحرير الحياة الأهلية، من ناحية النقابات المهنية والعمالية، من السيطرة المركزية، وإعادة نشاطها من جديد؛ فهذه التكوينات الأهلية، والنقابات المهنية والأحزاب، لا بد أن تنشغل بأنشطة وبأشياء أخرى، وليس بالسياسة فقط؛ فهناك أمور كثيرة مرتبطة بالحياة الاقتصادية والاجتماعية لا بد من النظر فيها، وحلها، وإفادة الاهالى منها على جميع المستويات، وهذا حاليًا غير موجود، ومن ثم لا بد من استعادة النشاط، وتعدده فيما يفيد الاهالى منه .
* الشباب .. وعلوم المستقبل .
* ثم انتقل الكتاب للفصل المخصص لندوة الدكتور أحمد مستجير والدكتور أحمد شوقي والدكتورة زينب شحاتة : التي عقدت تحت عنوان" الشباب .. وعلوم المستقبل"؛ حيث شدد مستجير على أن الشباب يلزمه الثقافة العلمية، فجيلنا كان في وقت مزدحم بأشياء كثيرة، ولم نستطيع أن نجري فيه الأبحاث الحقيقية؛ التي يمكن لها أن تسمى أبحاثًا .
* وعلى حسب اعتقادي كانت مهمة جيلنا أن نحبب الشباب في العلم، على أمل أن يحمل هؤلاء الشباب اللواء من بعدنا.. بمعنى أنه إذا كانت أبحاثنا كلها ولكي أكون "دبلوماسيًا" معظمها ليست له فائدة مرجوة، فليس معنى هذا أن ننقل ما يتم في الغرب إلى الشباب حتى نجد من يحب هذا الاتجاه، فظهر لنا جيل من الشباب قادر على أن يؤتي ثماره المرجوة منه، والعلم بالطبع غير سهل ولا يسير، ولكن ما أستطيع أن أؤكده أنه لكي تستطيع صنع علم للناس فإنه يجب أن تحب هذا العلم، وهذا ما يفتقده الكثير جدًا ممن يعملون في حقل العلم في مصر، ويُسمَّون خطأ باسم العلماء؛ فالعلم عشق وحب؛ فلماذا نحاول اجتذاب الشباب ونعطيه المادة التي تجعله بالفعل يحب العلم، بما أننا نعيش في عصر العلم ؟.
* وأوضح الدكتور أحمد شوقي : أن مصطلح علوم المستقبل قد يبدو للكثيرين وكأنه "مطاط"، لكنه في الواقع ليس مطاطًا ولا ضيقًا، بل هو مصطلح للتعبير عن مجال من المجالات، وكل المجالات التي تؤثر على الإنسان في هذا القرن؛ الذي نحن في مطلعه، من الممكن أن تُعَد من علوم المستقبل، وبشكل أكثر تحديدًا فإن النصف الثاني من القرن العشرين شهد ما سمي بالثورة العلمية والتكنولوجية، ولعلها أثرت على كل أشكال الثورات الأخرى؛ التي عرفناها وأحببناها ونحن صغار، وبالتالي أصبحت هي القوة الدافعة الرئيسة في عالم اليوم، بعدما عشنا ونحن صغار ثورات التحرر وغيرها وأحببناها .
* ولا أحد يستطيع أن يتنكر لتاريخه وتجربته الشخصية الآن، ولكن نحن نشعر بالفعل أن القوة الدافعة التي تشكل العالم اليوم، وتفرز أغنياء وفقراء، وتفرز متقدمين ومتخلفين، هي ثورة العلم التكنولوجي .
* ثم أكدت الدكتورة زينب شحاتة : أن كلنا نعرف أن جذور العلم رسخت في حياتنا، وطرحت ثمارًا، وشجعت حياة الإنسان بصفة عامة، وبالتأكيد أنه من المستحيل لأية دولة مواكبة العصر الحديث، دون أن يكون لديها أفراد مثقفون علميًا .. لكنها لكي تستطيع إعداد أفراد مثقفين علميًا فإن هذه عملية صعبة جدًّا .
* وبالطبع من أهم الأشياء في هذا الموضوع أن المشروع يقتضي البداية من الطفولة؛ فلكي تخلق مجتمعًا فاهمًا للعلم، ومثقفًا علميًا، لا بد أن تبدأ بالطفولة، وأن يتم هذا الإعداد العلمي منذ الطفولة، ويستمر على مدى مراحل التعليم المختلفة؛ إذ إن عملية إعداد أجيال مثقفة علميًّا تشبه عملية إعداد صاروخ للانطلاق .
* ومن المعروف أن هذا الصاروخ بشكل عملي يشتمل على عدد من المكونات : منصة الانطلاق، فالمشروع يقول : إن تطبيق عمليات التفكير العلمي في حياة الإنسان العلمية هو حجر الأساس لإعداد أجيال مثقفة علميًا، ونسبة تطبيق التفكير العلمي بمنصبة الانطلاق لهذا الصارخ تقوم بالتأكيد على عمليات التفكير العلمي، مثل : الملاحظة والمقارنة والترتيب والتصنيف وإيجاد علاقات والاستنتاج .. كما أن هذه العمليات عندما يمارسها الأطفال منذ صغرهم، والشباب بعد ذلك، تساعد على استيعاب وفهم الكميات الهائلة من المعلومات العلمية غير المترابطة، ونستطيع أن نكوِّن كيانًا موحدًا له مغزى لطبيعة العلم، بحيث يشعر به الأطفال الناشئة .
* أما عن الدعامات التي من المفروض أن يستند عليها الصاروخ؛ فإن المفاهيم المحورية التي توجد بين فروع العلم تشبه الدعامات اللازمة لتثبيت هذا الصاروخ، والسبب في هذا أن الأفراد بطبيعتهم لا يستطيعون تذكر كل ما يتلقونه في المدرسة من علوم، فلا بد من التركيز على توضيح الترابط بين العلوم المختلفة، وبهذه الطريقة يستطيع الأطفال والناشئة استيعاب الصورة الشاملة للعلم .
* إنني أعتقد أن لغة العلم واحدة، وأن العلم دائمًا يقبل الجديد، ولن تنتهي المعرفة، بل ستظل مدى الحياة في حركة دائمة متجددة .. ومن المهم أن يوجد هناك استعداد لتعلم شيء جديد، وسعي دائم نحو المعرفة؛ لأنه شيء لا بد أن يستمر .
* وتحت عنوان "الشباب والحركة التشكيلية في مصر" انتقل بنا مُعِد الكتاب إلى موضع جديد، وفصل جديد، تحدث فيه الدكتور صبري منصور، والدكتورة زينب سالم؛ حيث قال الدكتور صبري منصور: لا شك في أن مرحلة الشباب تُعَد أهم مراحل الفنان، فهي الأساس الذي ينطلق منه فيما بعدُ، وهي التي تتحدد فيها ملامحه الفنية؛ التي ستتأكد مع النضج، وبمرور الوقت، والاستمرار في التجربة، فإذا قلنا: إن أي مبنى أساسه هو أهم شيء بالنسبة له، نستطيع أن نقول : إن فترة التكوين وتحديد الملامح من أهم فترات الفنان .
* وهناك أكثر من نقطة أود إثارتها بالنسبة لجيل الشباب، الأولى هي علاقة الشباب بشيئين : أولهما التاريخ الثقافي للأمة، أو التاريخ القديم "التراث" والتاريخ الحديث .. بمعنى تجارب السابقين عليه مباشرة .. وإذا لم تتضح هاتان النقطتان في ذهن الشباب؛ فأنا في تصوري الشخصي أن طريقه لن يكون واضحًا، وسيكون هناك غموض معين، يؤدي به إلى انحرافات ثقافية معينة؛ لأن أي فنان لا يمكنه أن يبدأ من فراغ أبدًا .
* ثم أشارت الدكتورة زينب سالم : إلى أنه في الآونة الأخيرة اهتمت الدولة اهتمامًا كبيرًا جدًا بالشباب، فتم عمل صالونات للشباب، ومن هنا نقول : إنه أصبحت هناك فرصة كبيرة للشباب ليتقدموا بأعمالهم، وبمناسبة هذا الاهتمام الكبير أذكر أنني في سن الشباب، وكنت في بداية حياتي، بعد تخرجي من كلية الفنون التطبيقية، مكثت عدة سنوات أخشى من أن أتقدم بأعمالي إلى أيِّ معرض؛ لأن كل المشتركين فيه من أساتذتي، فكيف أقف وأنا في هذه السن إلى جانب أساتذتي .. ولذا كنت بالفعل بعيدة تمام البعد عن الاشتراك في المعارض؛ لأنها كانت متاحة للجميع، ولم تقتصر على الشباب .. أما الآن فمسألة أن تقام معارض خاصة بالشباب، وصالونات خاصة بهم، قد أتاحت لهم فرصة عظيمة جدًا؛ كي يستطيعوا التعبير عن أنفسهم، من خلال هذه القنوات الكبيرة والتشجيع، وما إلى ذلك .
* ربما من هذا المنطلق بدأت تطفو ظاهرة التسرع، والخوض في السهل؛ الذي يبحث عنه الشباب في الكتب، أو في المدارس الماثلة في الأعمال الفنية الجاهزة، سواء كانت من أساتذته أم من الفنانين الأجانب؛ وذلك لأنه يريد أن يلحق بالركب، ويضع له اسمًا، وينال جائزة من الجوائز، ومن هنا يبدأ في التسرع، وهذه هي نقطة السلبية في هذا المجال .
** الشباب وأحوال مصر .
* أما الفصل الأخير فكان للندوة إلى كانت تحت عنوان "الشباب .. وأحوال مصر في نصف قرن"، وتحدث فيها الدكتور عبد المجيد فراج، والدكتور السيد محمد سليم : وأكد خلالها الدكتور عبد المجيد فراج أنه لا بد أن تُفتح أبواب الأمل؛ لأن المستقبل أصبح مظلمًا في نظر كثير من الناس، ومن ثم يجب تبديل القتامة التي أصابت حياتنا في كل شيء، في السياسة .. في الاقتصاد .. في الاجتماع .. ففي كل الأشياء أصبحنا ننظر للأمور على أن كل شيء أصبح مستحيلًا، حتى في مقدمة كتابي كتبتُ هذا : إننا قد تحولنا عن كل الممكن إلى كل المستحيل؛ لأننا لا نريد أن ننظر إلى الشيء الممكن؛ الذي يستطيع أن يؤتي ثماره في فترات، ليس من الضروري أن تكون قريبة أو بعيدة، ولكنها ستؤتي من المؤكد ثمارها، إذا كانت مبنية على إمكانات فعلية، وليست وهمية، ولا خيالية .
* أما الدكتور السيد محمد سليم؛ فقد قال : الدكتور عبد المجيد أحسن صنعًا بنشر كتابه "أحوال مصر في نصف قرن"؛ الذي يتضمن 141 مقالة، كتبها منذ عام 46 وحتى 1999م، عبر رحلة طويلة تصل إلى حوالي نصف قرن، وتعكس بالفعل هموم مصر بكل معاني الكلمة، فقد عاصر الدكتور عبد المجيد أو شاهد عصورًا متتالية، فشهد العصر الليبرالي، وتعدد الأحزاب والملكية الدستورية، وحزب الوفد، وأحزابًا أخرى، وشاهد العصر الناصري، وفترة التأميمات، والاشتراكية، والتنظيم السياسي الواحد، وشهد أيضًا مرحلة التحول الاقتصادي في السبعينيات، وفترة الانفتاح الاقتصادي، والتعدية الحزبية، وتدفق الاستثمارات الأجنبية، والانفتاح على الغرب، وشهد أيضًا الفترة المباركية، فترة حسنى مبارك، بدءًا من 81م، بكل ما تحمله من عناصر استمرار، وعناصر تغير، في المرحلة السابقة .
--------------------------------------------------------------------------------
● ـ تلخيص : محمد نوار .
* صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 2007م، كتاب "الشباب والبحث عن الذات"، وهو عبارة عن مجموعة ندوات لكبار العلماء والمفكرين والإعلاميين؛ التي نُظمت من أجل الحوار مع الشباب، ومساعدتهم في رحلة بحثهم عن الذات، والكتاب من إعداد محمد نوار؛ الذي أكد في مقدمة كتابه، على أنه ستظل قضية المستقبل مرتبطة دائمًا بالشباب، وقدرته على الحلم .. والعمل على تحقيق هذا الحلم من هنا، وفي وبعد انتهاء القرن العشرين .. واكتمال الألفية الثانية .. ومع بداية القرن الواحد والعشرين .. والألفية الثالثة .. كان لا بد من إثارة عدة قضايا، من خلال الحوار الجاد مع الشباب، من خلال عقد مجموعة من النداوت، نظمها رامتان طه حسين، وهو أحد أهم مراكز الإشعاع الثقافية في مصر، والذي أقامته وزارة الثقافة؛ ليكون أحد لبنات مشروع خلق أجيال قادرة على تحمل مسئوليتها .
* فقد كان الهدف من تلك الندوات التعرف على أين الشباب مما يحدث الآن ..؟!، أين الشباب في عالم السماوات المفتوحة وعصر تدفق المعلومات ..؟!، أين الشباب من قضايا الوطنية في عالم بلا هوية، وهو عالم ما يسمى بالعولمة ..؟!، أين الشباب وعلوم المستقبل، وما توصل إليه العلم من اكتشافات مذهلة، قد تعيد اكتشاف الإنسان من جديد ؟، أين الشباب من هويته العربية ؟، أين الشباب وأحلامه في عالم الفنون ..؟!، وأيضًا أين الشباب وسط أمواج الحياة القوية؛ التي تؤثر فيه أحيانًا بالتفاؤل وتقوي عزيمته .. ومرات تؤثر فيه بالإحباط ؟!.
*كما سعت الندوات إلى التعرف على أين الشباب من أحوال مصر طوال نصف القرن الأخير ؟!، من خلال الحوار معهم؛ فالذي يرى تاريخه رؤية حقيقية يرى أنه شرط أساسي لحسن التعامل مع الحاضر .. وشرط جوهري لحسن التخطيط للمستقبل، أما التعامل معه باعتباره مجرد مادة للتغني بما حدث، وبما كان؛ فهذا تخريب لمعنى التاريخ نفسه؛ فالتاريخ يعني "العظة والاعتبار" كما يقول ابن خلدون .
** خطر فقد الهوية .
* الفصل الأول كان لعرض ندوة "الشباب .. والوطنية في عالم بلا هوية"؛ التي تحاور فيها مع الشباب دكتور حسين كامل بهاء الدين، والكاتب الصحفي مرسي عطا الله، والدكتور حامد عمار .. ولقد تم التأكيد أن مجتمعاتنا جميعًا، خاصة تلك المجتمعات التي اصطُلح على تسميتها بمجتمعات الدول النامية .. أو مجتمعات العالم الثالث؛ التي يوشك غول العولمة أن يلتهمها في جوفه .. يجب أن تنطلق فيها صيحات تحذيرية؛ حتى لا تُطمس معالم هويتنا، وتُمسخ شخصيتنا، خاصة أننا نملك أوراقًا قوية، ونملك جدرانًا صامدة، نستطيع بها أن نواجه ما لا يمكن أن يرد على البال من مخاطر، إذا استطاعت رياح العولمة أن تخترق الحدود والسدود .
* علينا الحذر من أن تسحب منا مغريات العولمة أهم ما نملك، وهو تاريخنا وعقائدنا، وقيمنا؛ التي توارثناها جيلًا بعد جيل، وأن تؤدي العولمة إلى أن نفقد أهم احتياطي إستراتيجي لامتنا .. وهذا الاحتياطي الإستراتيجي ليس احتياطيًّا إستراتيجيا يتعلق بالسلاح أو بالمال أو بالنفط، وإنما هو ذلك الاحتياطي الإستراتيجي؛ الذي قد لا يتوافر لغيرنا، ألا وهو ثقافتنا وأصالتنا، وما لدينا من تاريخ، وما لدينا أيضًا من موقع جغرافي متميز .
* وعلينا التنبؤ بمخاطر اللا هوية، فليس هناك ما هو أخطر على أية أمة من أن تفقد هويتها !، نحن نفقد هويتنا إذا سمحنا للمصطلحات الأجنبية بأن تجري على ألسنتنا بدلًا من لغتنا العربية، وإذا سمحنا بتسلل عادات وسلوكيات لا تتفق مع مجتمعاتنا؛ فنحن نملك هوية عمرها أكثر من ألف وأربعمائة عام، ولا يمكن للتكنولوجيا ولا للتقدم العلمي أن تصنع تاريخًا ولا ثقافة، قد تصنع تفوقًا مطلقًا لمرحلة من المراحل، لكنه تفوق لا يستند إلى الركيزة الأساسية، وهي ركيزة الثقافة، وركيزة الانتماء، وركيزة الهوية .
* إننا قادرون إذا امتلكنا أسباب الثقة بالنفس على أن نتصدى لكل هذه المخاطر، ولسلبيات وتبعيات العولمة؛ التي هي في حقيقة الأمر اسم بديل (للأمركة)؛ لأن ما يحدث هو رغبة في طرح وفرض ونشر قيم مجتمع بلا جذور، ويمثل خليطًا من كل أجناس البشر، نحن الآن بالفعل بصدد وباء قادم، وهذا الوباء له شواهد ومخاطر لا بد أن ننظر لها؛ لكي نضع روشتة العلاج بمنهج الطبيب .. أي إننا لا بد أن نعلم ما هي الأخطار، فهناك خطر سياسيّ، وهناك خطر اقتصاديّ، وخطر اجتماعيّ، وخطر ثقافيّ .
* أما الخطر السياسي فيتمثل أساسًا في تحويل العالم إلى عالم بلا خريطة، تحت شعار انتفاء أهمية عنصر المكان؛ فمرة يقولون نحن في عصر اللا مكان؛ الذي تستطيع أن تذهب فيه إلى أي مكان في العالم، بأسرع مما نتخيل، وأن تجري اتصالات وتجري عمليات عبر شاشات الإنترنت، وعبر ثورة الاتصالات .. وعندما ينتفي عنصر المكان فلا يوجد إذًا شيء اسمه وطن أو وطنية، وعندما تغيب الوطنية فستكون الغلبة للأقوياء في هذا المجتمع، فالقائمون على الأرض ستضاف إليهم سيطرتهم على بقية العالم .. هذا باختصار هو أخطر ما في البعد السياسي : إلغاء أهمية الخريطة الجغرافية؛ التي تحدد الأوطان منها منطلقات الوطنية؛ فالوطنية هي الوطن، ولا توجد وطنية بلا وطن، وهذا هو الخطر الأساسي للعولمة؛ الذي أعتقد أن الكتاب يستهدف أن يحذر منه .
* أما الخطر الآخر فهو الخطر الاجتماعي، وهو يستهدف إحداث تفسخات اجتماعية، تمس القيم والثوابت؛ التي حمت المجتمعات، خصوصًا ذات الصلة الوثيقة بالقيم الروحية والدينية، وبالأرض التي هبط فيها الأنبياء، وقد كانت سيطرة الاستعمار تتم عن طريق حرب الأفيون، فتفكك المجتمعات، بعد أن يذهب بعقول أبنائها، ويغيبها عن الوعي، وبالتالي تسهل السيطرة عليها .
** مرحلة الرعب من الأخطار .
* والحقيقة أنه قد شهدت السنوات الأخيرة مناقشات كثيرة ومتعددة حول موضوع العولمة، والدخول إلى العالمية والكوكبة، وتغير معايير الزمان والمكان، وقد بدت في ثنايا هذا النقاش الهائل آراء، ترى أن الوطنية هي سباحة ضد التيار، وأنها عودة إلى الماضي، وتخلف فكري واضح، وأنها معايير لم تعد تليق بحاضرنا، أو بالتغيرات العالمية التي من حولنا .
* وهناك شعور بتخوف شديد، يكاد يصل إلى مرحلة الرعب، من الأخطار التي تحيط بهذا الوطن، وبشعب ترجع حضارته إلى أكثر من سبعة آلاف سنة، تخللها تماسك رائع في النسيج الاجتماعي لهذا الوطن: أصوله وصفاته ولغته ودياناته ومميزاته الاجتماعية، وكل ما يمكن أن يجمع شعبًا حول نية ما .. ويلفت هذا نظر كثير من المؤرخين؛ لأن هذا الثبات على مدى آلاف السنين تكاد تنفرد به مصر، دون معظم دول العالم .. والآن في إطار العولمة التي نشعر بها جميعا نحن في مواجهة طوفان جديد، أو إعصار خفي .. لكن السؤال هو : هل هذا الطوفان أو الإعصار حدث مفاجئ، ومسألة تفجرت لتفاجئ العالم؛ الذي كان غائبًا عنها، أم إن هذا كان له جذوره التاريخية ؟!.
* في الواقع أن العولمة لها جذورها التاريخية التي ترجع إلى بدايات القرن الخامس عشر، حينما كان الإنسان يتحول من البعد الأول الذي سادت فيه العزل الإنسانية مليوني سنة أو أكثر إلى عصر عبور جديد، به المسافات شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا، بفضل النقلة النوعية الخطيرة التي حدثت، وتمثلت في الأساطيل البحرية الكبيرة؛ التي نشأت نتيجة تطور تكنولوجيا النقل البحريّ، في القرن الخامس عشر، واختراع كثير من المعدات؛ التي ساعدت على اقتحام المحيطات والبحار .
* لقد تغيرت أساليب الإنتاج والاقتصاد، وشهد العالم ثلاث ثورات أساسية، من تاريخ الثورة الزراعية والثورة الصناعية، ودخلنا عصرًا جديدًا بكل المقاييس، وصلنا فيه للفضاء، ووصلنا فيه لأعماق الخلية الإنسانية، وتمت اكتشافات هائلة في كل المجالات .
* كما أدخلنا المواد الجديدة بدلا من المواد الخام .. وعن طريق الكيمياء الإحصائية، والبيولوجية الإحصائية، والذكاء الصناعي، والتكنولوجيا فائقة الصغر، توصل الإنسان إلى اكتشاف مواد جديدة، أكثر ملاءمة، وأطوال عمرًا، وأشد صلابة، وأكثر مرونة، وأكثر قدرة على تحقيق المواصفات من المواد الخام؛ التي كانت عماد الإنتاج على امتداد عقود وقرون .. بالاتصالات أصبح الحدث عالميًا بمجرد وقوعه .. سقطت كل الحواجز بفعل اختراق هذه الثورة التكنولوجية للحدود وللزمان وللمكان، وسقطت بفعل إصرار القوى الجديدة في العالم على اختراق هذه الحدود .. ولا يوجد نظام لا يطيق قيودًا كما يفعل النظام الرأسماليّ، ولا يمكن أن تكون هناك أنشطة أكثر اجتراءً على الحدود مثل التجارة؛ فالتجارة لا تطيق حدودًا جغرافية ولا وطنية، وأحيانًا لا تطيق حدودًا أخلاقية .
* ونحن جنس بشريّ عانى كثيرًا من حركة العبيد والاسترقاق، لكن حركة الاسترقاق والعبيد تعود مرة أخرى، في صورة أبشع بكثير، فقد استطاعت التكنولوجيا الحديثة، والتكنولوجيا الحيوية، أن تسيطر على الجينات .. والعالم الذي كان في يوم من الأيام عالمًا حرًا يتغنى بعدم التفرقة، ويتغنى باختفاء النزعات العنصرية، ويدين ويشجب تطلعات هذه الدعوة عالميًا؛ للسيطرة على الجينات، وحركة التحكم في الجنس البشريّ، بدعوى أن البقاء للأصلح .
* لذلك لا بد من الاهتمام بالإنسان بكل زمان، وعلى العالم أيضًا النظر إلى أهمية الاهتمام بالشئون الإنسانية، في كل زمان، وهذه مسألة ضرورة لبقاء الجنس البشري، لا بد من حب الإنسانية، ومن مبدأ المساواة، وعلى مستوى التكافؤ؛ لأن نفس الآليات التي مكنت الدول من أن تصل إلى هذه المرحلة من التقدم والقوة، هي نفسها التي سوف تتسبب في تدميرها، إذا اتبعت مثل هذه السياسة؛ التي توجه الإنسان في كل مكان وزمان .
* هؤلاء المهشمون واليائسون إذا فاض بهم الكيل، وسُدت أمامهم طرق الحياة؛ فسيهدمون المعبد على أنفسهم وعلى غيرهم، وهذا هو الخطأ الذي يحيط بكل دول العالم، كبرت أم صغرت، قويت أم ضعفت .. لذلك نحن لا يمكننا أن نتجاهل أية مشكلة تهمنا في العالم لعدة اعتبارات، فأية كارثة بيئية مثلا تحدث في العالم يمكن أن تصيب أطفالنا، أو الأجيال القادمة، وأيّ اختلال في التوازن البيولوجي في أي مكان في العالم يمكن أن يصيبنا هنا، أية أوبئة في العالم يمكن أن تنتقل إلينا .. أي إرهاب في العالم ممكن أن يصل إلى بلادنا؛ فاليوم لا بد أن نتعاون ونتشارك في نظرة إنسانية لحل مشاكل العالم كلها، من موقع المشاركة .
* ونحن بالفعل دخلنا في العالم اللا مكاني.. المكان الاعتباري الذي نصنعه أحيانًا بالتكنولوجيا .. فهناك إمكانيات هائلة، وأخطار محدقة، وعلينا أن نحقق التوازن بين هذا وذاك .
** الشباب وصناعة المستقبل .
* الشباب الذي تقع علينا مسئولية تربية وتنميته، وتقع عليه صناعة المستقبل، ولذلك أجد أن هذا الكتاب من بين أفضل الكتب التي يمكن للشباب اقتناؤها، فيما يتعلق بقضايا العولمة : مخاطرها وتناقضاتها، وموقعنا بالنسبة لهذه التيارات، ومن حسن الحظ أن هذا الكتاب سيكون جزءًا من مكتبة الأسرة، وسوف يصبح أمام الشباب الفرصة لاقتنائه، ولتكوين رؤية فكرية تصوره على نحو ما يمكن أن تلقي عليه المسئوليات، في صناعة مستقبل هذا الوطن .
* وعلينا ربط قضايا العولمة بكل التحديات، ودق ناقوس الخطر والإنذار والتحذير؛ الذي ينبغي أن نأخذه بجدية في عين الاعتبار، في واقعنا، وفي فكرنا، وأن نضع شيئًا من أمل وعمل؛ لكي نحفظ هذا التوازن الصحي الإنساني الوطني، بين مخاطر العولمة وبين ما يمكن أن نواجهه من هذه المخاطر، سواء من فكر وسلوك أم من عمل وتعليم؛ لأن من أهم الأسلحة الاهتمام بالتعليم وتطويره، سواء في بينة التعليم ذاته، أم في المدرسة، أم في المناهج، أم في وظيفة المعلم، وهذه أهم مشكلة تعترض ليس العالم النامي فحسب، وإنما قطاعًا واعيًا ومستنيرًا من العالم الأول، أو دول الشمال؛ التي يقلقها أيضًا ما تزحف به تيارات العولمة، من النظرة للإنسان كفرد، وليس كمواطن .
* الشباب بين الطموح والإحباط .
* الفصل الثاني من الكتاب تعرض لقضية "الشباب .. بين الطموح والإحباط"، وتحدثت فيه الدكتورة سهير لطفي، والكاتب الصحفي صلاح منتصر، والدكتور عادل صادق، حيث تحاورت فيه مع الشباب الدكتورة سهير لطفي : فأوضحت في البداية أننا نعرف الشباب إما بالتعريف العمري وإما بالتعريف السلوكي، فإذا انتقلنا إلى الشباب حصاد مدخلات اجتماعية، تنتهي بمفردات اجتماعية، تتجدد في قطاع اجتماعي مستعرض لجميع شرائح وطبقات المجتمع .
* إذًا كل مجتمع له خصوصية في شبابه وخصائص شبابه، وهناك خواص مشتركة عظمى لشباب كل مجتمع، وكل مجتمع له تحديات، وله إحباطات، وأعتقد أن أهم تحدٍّ يواجه المجتمع الآن هو التعاطي والإدمان؛ لأنه من أخطر المشاكل، وخاصة مشكلة البانجو؛ التي تستشري في جميع الشرائح والقطاعات الشبابية في المجتمع .
* فكلنا الآن بالتأكيد نتحدث بطريقة مباشرة وغير مباشرة وتقول "ماذا فعلت الدولة"؟، وأنا أقول لكم : إن القضية ليست مكافحة جريمة، وضبط جريمة، القضية هي مسئولية الوعي والتخطيط، وأعتقد أن الأستاذ والمفكر العظيم الكاتب صلاح منتصر، في عموده اليوميّ، بدأ البداية الصحيحة بحديثه عن التدخين، ويشير من حين إلى آخر إلى مشكلة المخدرات، وأعتقد أن هذا القلم الجميل المتميز هو نتاج عملية التوعية، وفي هذا المجال أذكر أنه إذا كانت عندي القيم والأعراف الخاصة؛ التي تحكم سلوكياتي في قضية المخدرات، أعتقد أننا سنستطيع القضاء على هذا الخطر المحدق بنا .
* وفي هذا المجال أعطي مثالا لدولة من الدول في محيطنا، وهذه الدولة تقوم بزرع نبات غير مشروع، وتصدر هذا النبات غير المشروع، ولكن ليس هناك من يتعاطى المخدرات فيها أو يدمنها، رغم أنه لا يوجد هناك قانون يقول إن المخدرات "مجرمة" .
* وانطلاقًا من عملية التوعية والتثقيف يجب علينا أن نخاطب ونقاوم ونواجه الشائعات الزائفة، حول مزايا التعاطي والإدمان، وربما من خلال خبرتي يقال لي مثلا : إن تعاطي المخدرات يقوي البصر والناحية الجنسية، وهذه كلها شائعات زائفة، يجب علينا أن نقضي عليها ونواجهها .
* وهنا تحدث الصحفي صلاح منتصر، مؤكدًا أنه لكي نتكلم عن الشباب فإنني أبدأ حديثي بسؤال مهم : هل الشباب جانٍ أم مجنيّ عليه ؟، لو استطعنا الإجابة عن هذا السؤال لاستطعنا أن نتعرف على الأوضاع والظروف التي تحيط بشبابنا .
* إن الأجيال عبارة عن سباق يسلم فيه الجيل العلَمَ للجيل الذي يليه، وبالتالي يحدث نوع من التناغم والتناسق والتعانق بين الأجيال، ومن الواضح أننا منذ القرن العشرين توجد لدينا ثلاثة أجيال : جيل بدأ منذ بداية القرن، وجيل بدأ منذ عام 40، وجيل أخر في عام 70.. ولو نظرنا إلى جيل الأبِ وجيل الجد نجد تقاربًا كبيرًا بين حياة الجيلين، في الظروف المحيطة بهما، ونجد أن وسائل الحياة، والمفاهيم الاجتماعية والتكنولوجية متقاربة، والمعارك السياسية متقاربة .
* إذن نحن في مواجهة فجوات مجتمع أو شباب لم تكن مألوفة من جيلنا وجيل آبائنا، وزادت على ذلك الفجوة التي حدثت بسبب الزيادة السكانية الكبيرة؛ التي خلقت نوعًا من المشاكل، أصبح اليوم يمثل عبئًا على التلميذ وهو ذاهب إلى المدرسة؛ لأنه نوع من "الشربة المريرة"؛ التي عليه أن يشربها كي يواجه الامتحان .. بينما أنا لم أشعر بالمرة بأي عبء أو معاناة، بل على العكس كانت السنة الدراسية بالنسبة لنا متعة كبيرة جدًا من الحياة الاجتماعية؛ التي نتمنى ألا تنتهي .
* إذن تغير شكل التعليم، وأصبح الآن هدفه الامتحان والمجموع الكبير، وبمجرد انتهاء الامتحان ينسى التلميذ كل ما تعلمه، في حين أن هناك فارقًا بين التلميذ الذي يدخل الامتحان ليفكر، والتلميذ الذي يدخل الامتحان ليتذكر، وهذا هو الفرق أيضًا بين التعليم عندنا وعند الدول المتقدمة .
** القدوة من أخطر القضايا .
* ويضيف الكاتب الصحفي صلاح منتصر : إن القدوة في مصر قضية من أخطر ما يمكن، وهي قضية نموذجية في الهدم الذي حدث، عندما قلت : إن الهدم يحدث في فترة قصيرة، والبناء يأخذ وقتًا كبيراً .. وأضيف أن قضية القدوة تم هدمها منذ بدأت عملية أهل الثقة والولاء، ثم الهابطين من فوق .. كل هذا أدى إلى هدم القدوة، وبالتالي تأثرت الرموز في المجتمع .
* وفي أي مجتمع : المدرس، رجل البوليس، ورجل العدالة، قل ما تشاء فيمن تريد إلا هؤلاء الثلاثة .. إذا حافظت عليهم تستطيع أن تحمي المجتمع .. لكني أقول : إن المدرس تعرض لانهيار كامل، ورجل البوليس علاقتنا معه لم تصبح بالمعنى الذي كنا نحترمه، وقضاؤنا والعدالة ربنا يحفظها لكي لا تظلم وتقع مرة واحدة .
* أما الإعلام والأغاني الخاصة بالمليونيرات؛ فأنا مؤمن بأن جميع هذه الأغاني مثل زجاجة المياه الغازية، تخرج منها الصودا، وبعد ساعتين أو ثلاث تفقد كل ما فيها، وتصبح مشروبًا ميتًا بلا طعم، على عكس جميع الأغاني القديمة .. وهناك مشكلة تعرضنا لها، ألا وهي صعود طبقة من القادرين من غير المتعلمين، أن يرفع من مستوى حياته، فتجد شخصًا يشتري لوحات وأنتيكات، وهذا نوع من التعبير عن الثقافة .
* بينما الحرفي عندما تجيء له أموال يتزوج على زوجته، فيصبح قليل الأدب، ويشرب مخدرات، وألفاظه تصبح سوقية بكل أسف، وقد تحدثنا عن طفرة استهلاكية كبيرة أصبحت تنتج هذه الطبقة، ولهذا أصبح المجتمع يستجيب لها .. كل أشرطة الكاسيتات وأشياء استهلاكية كثيرة أصبحت تنتج لهذه الطبقة الجديدة؛ التي يراها في الحارة وهي تركب أفخم السيارات؛ لأن أصحاب الحرف أصبحوا هم الذين يستطيعون شراءها .
*ويقول : إنني أنظر إلى الدين كعمل، والعمل عبادة .. وأنظر إلى الدين من خلال الآية الكريمة التي تقول: (قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ) (العنكبوت : 20) .. كلمة سيروا في هذه الآية تعني العمل بالفكر والعقل، وبكل الوسائل، وكلمة "فانظروا" تعني هنا التأمل والتجربة، والبحث عن "كيف بدأ الخلق" .. عليك أن تفكر في كيفية بدء الخلق، وتستعين بكل العلوم التي يمكن أن تكون موجودة أو متاحة، معنى هذا أن الدين هو أكبر محرِّض على العلم .
* لماذا يُحبَط الشباب ؟
* ثم يتحدث الدكتور عادل صادق عن الإحباط، مؤكدًا أنه حالة نفسية، تعني أننا انتقلنا من الحالة السوية إلى حالة معينة، تسيطر على الإنسان حينما يحاول حل مشكلة، أو الوصول إلى هدف ما، مرة بعد الأخرى .. ويقول : لماذا يحبط الشباب وييأس ؟، أعتقد لأنه لم يدرك بعد أن العالم بدأ يتغير، وأن الشباب في العالم كله عنده نفس المشاكل، ولكنه قد وجد حلولًا لها .. فعلى الرغم من التغيرات التي حدثت، والتطورات التي كانت، إلا أن شبابنا لا يزال يرغب في أن يعيش بنفس الطريقة التي كنا نعيشها، وهذه إشكالية يقع فيها الشباب اليوم .. إن الشباب لديه ثلاثة أنواع من المشاكل : تعامله مع الأسرة، وكيفية التوازن في هذه العلاقة .. فمثلا الفجوة التي بيني وبين أبي أقل كثيرًا من الفجوة التي بيني وبين ابني، ومن التي ستكون بينه وبين ابنه، وهكذا .. ويجب أن نتيح للابن أن يعبر عن نفسه، وأن ندعمه، وأن ننمي هذا فيه، وأن نصنع التوازن بين الاحترام والديمقراطية وحرية الرأي وحرية التعبير عن الرأي .
* بالإضافة إلى تعلم كيفية التعامل مع المجتمع ومؤسساته فهناك أشياء "تسد النفس" مثل الإعلام والنفاق .. لكن هذه مراحل يمر بها أي شعب في التعامل مع العالم والعولمة؛ ولذا فإنني أتحدث عن مستويات تعامل الشباب مع الأسرة ومع المجتمع ومع العالم .
* خصص محمد نوار، مُعِد هذا الكتاب، هذا الفصل لندوة "الشباب .. والحياة السياسية"؛ التي تحدث فيها المستشار طارق البشري، والذي أوضح خلالها أنه عندما نفكر في حركات الشباب في التاريخ المصري، لن نجد أية أشارة مباشرة إليها، خاصة قبل القرن التاسع عشر، والذي أراه أنه في القرن العشرين توجد حركات من الممكن أن أطلق عليها "حركات الشباب" بالفعل .. أما عندما تكون مندرجة وموجودة في الحركات السياسية والحزبية فهنا يمكن أن يصدق عليها ما يصدُق على غيرها من الشرائح العمرية المختلفة، ومن ثم لا نصفها بأنها حركة شبابية؛ لأنها حركة نسبية، تجمع الشباب وغير الشباب أيضًا، وبالتالي لا تتميز بأنها حركة شباب، فوجود الشباب داخل الأحزاب المختلفة كان على مدى تاريخنا وحركاتنا الحزبية، منذ القرن العشرين، أو قبله بقليل .
* ويقول المستشار طارق البشري : كيف تبدأ حركة الشباب إذًان ؟ تبدأ الحركة بوصفها حركة شباب، متميزة عن غيرها من الحركات السياسية الموجودة، وسنجدها موجودة في تاريخنا الحديث في القرن العشرين بالذات؛ لأنها تكررت تقريبًا خمس أو ست مرات في هذا القرن .
* وفى نظري أن أهم شيء نستطيع فعله الآن هو تحرير الحياة الأهلية، من ناحية النقابات المهنية والعمالية، من السيطرة المركزية، وإعادة نشاطها من جديد؛ فهذه التكوينات الأهلية، والنقابات المهنية والأحزاب، لا بد أن تنشغل بأنشطة وبأشياء أخرى، وليس بالسياسة فقط؛ فهناك أمور كثيرة مرتبطة بالحياة الاقتصادية والاجتماعية لا بد من النظر فيها، وحلها، وإفادة الاهالى منها على جميع المستويات، وهذا حاليًا غير موجود، ومن ثم لا بد من استعادة النشاط، وتعدده فيما يفيد الاهالى منه .
* الشباب .. وعلوم المستقبل .
* ثم انتقل الكتاب للفصل المخصص لندوة الدكتور أحمد مستجير والدكتور أحمد شوقي والدكتورة زينب شحاتة : التي عقدت تحت عنوان" الشباب .. وعلوم المستقبل"؛ حيث شدد مستجير على أن الشباب يلزمه الثقافة العلمية، فجيلنا كان في وقت مزدحم بأشياء كثيرة، ولم نستطيع أن نجري فيه الأبحاث الحقيقية؛ التي يمكن لها أن تسمى أبحاثًا .
* وعلى حسب اعتقادي كانت مهمة جيلنا أن نحبب الشباب في العلم، على أمل أن يحمل هؤلاء الشباب اللواء من بعدنا.. بمعنى أنه إذا كانت أبحاثنا كلها ولكي أكون "دبلوماسيًا" معظمها ليست له فائدة مرجوة، فليس معنى هذا أن ننقل ما يتم في الغرب إلى الشباب حتى نجد من يحب هذا الاتجاه، فظهر لنا جيل من الشباب قادر على أن يؤتي ثماره المرجوة منه، والعلم بالطبع غير سهل ولا يسير، ولكن ما أستطيع أن أؤكده أنه لكي تستطيع صنع علم للناس فإنه يجب أن تحب هذا العلم، وهذا ما يفتقده الكثير جدًا ممن يعملون في حقل العلم في مصر، ويُسمَّون خطأ باسم العلماء؛ فالعلم عشق وحب؛ فلماذا نحاول اجتذاب الشباب ونعطيه المادة التي تجعله بالفعل يحب العلم، بما أننا نعيش في عصر العلم ؟.
* وأوضح الدكتور أحمد شوقي : أن مصطلح علوم المستقبل قد يبدو للكثيرين وكأنه "مطاط"، لكنه في الواقع ليس مطاطًا ولا ضيقًا، بل هو مصطلح للتعبير عن مجال من المجالات، وكل المجالات التي تؤثر على الإنسان في هذا القرن؛ الذي نحن في مطلعه، من الممكن أن تُعَد من علوم المستقبل، وبشكل أكثر تحديدًا فإن النصف الثاني من القرن العشرين شهد ما سمي بالثورة العلمية والتكنولوجية، ولعلها أثرت على كل أشكال الثورات الأخرى؛ التي عرفناها وأحببناها ونحن صغار، وبالتالي أصبحت هي القوة الدافعة الرئيسة في عالم اليوم، بعدما عشنا ونحن صغار ثورات التحرر وغيرها وأحببناها .
* ولا أحد يستطيع أن يتنكر لتاريخه وتجربته الشخصية الآن، ولكن نحن نشعر بالفعل أن القوة الدافعة التي تشكل العالم اليوم، وتفرز أغنياء وفقراء، وتفرز متقدمين ومتخلفين، هي ثورة العلم التكنولوجي .
* ثم أكدت الدكتورة زينب شحاتة : أن كلنا نعرف أن جذور العلم رسخت في حياتنا، وطرحت ثمارًا، وشجعت حياة الإنسان بصفة عامة، وبالتأكيد أنه من المستحيل لأية دولة مواكبة العصر الحديث، دون أن يكون لديها أفراد مثقفون علميًا .. لكنها لكي تستطيع إعداد أفراد مثقفين علميًا فإن هذه عملية صعبة جدًّا .
* وبالطبع من أهم الأشياء في هذا الموضوع أن المشروع يقتضي البداية من الطفولة؛ فلكي تخلق مجتمعًا فاهمًا للعلم، ومثقفًا علميًا، لا بد أن تبدأ بالطفولة، وأن يتم هذا الإعداد العلمي منذ الطفولة، ويستمر على مدى مراحل التعليم المختلفة؛ إذ إن عملية إعداد أجيال مثقفة علميًّا تشبه عملية إعداد صاروخ للانطلاق .
* ومن المعروف أن هذا الصاروخ بشكل عملي يشتمل على عدد من المكونات : منصة الانطلاق، فالمشروع يقول : إن تطبيق عمليات التفكير العلمي في حياة الإنسان العلمية هو حجر الأساس لإعداد أجيال مثقفة علميًا، ونسبة تطبيق التفكير العلمي بمنصبة الانطلاق لهذا الصارخ تقوم بالتأكيد على عمليات التفكير العلمي، مثل : الملاحظة والمقارنة والترتيب والتصنيف وإيجاد علاقات والاستنتاج .. كما أن هذه العمليات عندما يمارسها الأطفال منذ صغرهم، والشباب بعد ذلك، تساعد على استيعاب وفهم الكميات الهائلة من المعلومات العلمية غير المترابطة، ونستطيع أن نكوِّن كيانًا موحدًا له مغزى لطبيعة العلم، بحيث يشعر به الأطفال الناشئة .
* أما عن الدعامات التي من المفروض أن يستند عليها الصاروخ؛ فإن المفاهيم المحورية التي توجد بين فروع العلم تشبه الدعامات اللازمة لتثبيت هذا الصاروخ، والسبب في هذا أن الأفراد بطبيعتهم لا يستطيعون تذكر كل ما يتلقونه في المدرسة من علوم، فلا بد من التركيز على توضيح الترابط بين العلوم المختلفة، وبهذه الطريقة يستطيع الأطفال والناشئة استيعاب الصورة الشاملة للعلم .
* إنني أعتقد أن لغة العلم واحدة، وأن العلم دائمًا يقبل الجديد، ولن تنتهي المعرفة، بل ستظل مدى الحياة في حركة دائمة متجددة .. ومن المهم أن يوجد هناك استعداد لتعلم شيء جديد، وسعي دائم نحو المعرفة؛ لأنه شيء لا بد أن يستمر .
* وتحت عنوان "الشباب والحركة التشكيلية في مصر" انتقل بنا مُعِد الكتاب إلى موضع جديد، وفصل جديد، تحدث فيه الدكتور صبري منصور، والدكتورة زينب سالم؛ حيث قال الدكتور صبري منصور: لا شك في أن مرحلة الشباب تُعَد أهم مراحل الفنان، فهي الأساس الذي ينطلق منه فيما بعدُ، وهي التي تتحدد فيها ملامحه الفنية؛ التي ستتأكد مع النضج، وبمرور الوقت، والاستمرار في التجربة، فإذا قلنا: إن أي مبنى أساسه هو أهم شيء بالنسبة له، نستطيع أن نقول : إن فترة التكوين وتحديد الملامح من أهم فترات الفنان .
* وهناك أكثر من نقطة أود إثارتها بالنسبة لجيل الشباب، الأولى هي علاقة الشباب بشيئين : أولهما التاريخ الثقافي للأمة، أو التاريخ القديم "التراث" والتاريخ الحديث .. بمعنى تجارب السابقين عليه مباشرة .. وإذا لم تتضح هاتان النقطتان في ذهن الشباب؛ فأنا في تصوري الشخصي أن طريقه لن يكون واضحًا، وسيكون هناك غموض معين، يؤدي به إلى انحرافات ثقافية معينة؛ لأن أي فنان لا يمكنه أن يبدأ من فراغ أبدًا .
* ثم أشارت الدكتورة زينب سالم : إلى أنه في الآونة الأخيرة اهتمت الدولة اهتمامًا كبيرًا جدًا بالشباب، فتم عمل صالونات للشباب، ومن هنا نقول : إنه أصبحت هناك فرصة كبيرة للشباب ليتقدموا بأعمالهم، وبمناسبة هذا الاهتمام الكبير أذكر أنني في سن الشباب، وكنت في بداية حياتي، بعد تخرجي من كلية الفنون التطبيقية، مكثت عدة سنوات أخشى من أن أتقدم بأعمالي إلى أيِّ معرض؛ لأن كل المشتركين فيه من أساتذتي، فكيف أقف وأنا في هذه السن إلى جانب أساتذتي .. ولذا كنت بالفعل بعيدة تمام البعد عن الاشتراك في المعارض؛ لأنها كانت متاحة للجميع، ولم تقتصر على الشباب .. أما الآن فمسألة أن تقام معارض خاصة بالشباب، وصالونات خاصة بهم، قد أتاحت لهم فرصة عظيمة جدًا؛ كي يستطيعوا التعبير عن أنفسهم، من خلال هذه القنوات الكبيرة والتشجيع، وما إلى ذلك .
* ربما من هذا المنطلق بدأت تطفو ظاهرة التسرع، والخوض في السهل؛ الذي يبحث عنه الشباب في الكتب، أو في المدارس الماثلة في الأعمال الفنية الجاهزة، سواء كانت من أساتذته أم من الفنانين الأجانب؛ وذلك لأنه يريد أن يلحق بالركب، ويضع له اسمًا، وينال جائزة من الجوائز، ومن هنا يبدأ في التسرع، وهذه هي نقطة السلبية في هذا المجال .
** الشباب وأحوال مصر .
* أما الفصل الأخير فكان للندوة إلى كانت تحت عنوان "الشباب .. وأحوال مصر في نصف قرن"، وتحدث فيها الدكتور عبد المجيد فراج، والدكتور السيد محمد سليم : وأكد خلالها الدكتور عبد المجيد فراج أنه لا بد أن تُفتح أبواب الأمل؛ لأن المستقبل أصبح مظلمًا في نظر كثير من الناس، ومن ثم يجب تبديل القتامة التي أصابت حياتنا في كل شيء، في السياسة .. في الاقتصاد .. في الاجتماع .. ففي كل الأشياء أصبحنا ننظر للأمور على أن كل شيء أصبح مستحيلًا، حتى في مقدمة كتابي كتبتُ هذا : إننا قد تحولنا عن كل الممكن إلى كل المستحيل؛ لأننا لا نريد أن ننظر إلى الشيء الممكن؛ الذي يستطيع أن يؤتي ثماره في فترات، ليس من الضروري أن تكون قريبة أو بعيدة، ولكنها ستؤتي من المؤكد ثمارها، إذا كانت مبنية على إمكانات فعلية، وليست وهمية، ولا خيالية .
* أما الدكتور السيد محمد سليم؛ فقد قال : الدكتور عبد المجيد أحسن صنعًا بنشر كتابه "أحوال مصر في نصف قرن"؛ الذي يتضمن 141 مقالة، كتبها منذ عام 46 وحتى 1999م، عبر رحلة طويلة تصل إلى حوالي نصف قرن، وتعكس بالفعل هموم مصر بكل معاني الكلمة، فقد عاصر الدكتور عبد المجيد أو شاهد عصورًا متتالية، فشهد العصر الليبرالي، وتعدد الأحزاب والملكية الدستورية، وحزب الوفد، وأحزابًا أخرى، وشاهد العصر الناصري، وفترة التأميمات، والاشتراكية، والتنظيم السياسي الواحد، وشهد أيضًا مرحلة التحول الاقتصادي في السبعينيات، وفترة الانفتاح الاقتصادي، والتعدية الحزبية، وتدفق الاستثمارات الأجنبية، والانفتاح على الغرب، وشهد أيضًا الفترة المباركية، فترة حسنى مبارك، بدءًا من 81م، بكل ما تحمله من عناصر استمرار، وعناصر تغير، في المرحلة السابقة .
--------------------------------------------------------------------------------
هايدي- زهرة المنتدى
- عدد المساهمات : 123
تاريخ التسجيل : 16/10/2009
العمر : 37
الموقع : في قلب أغلى انسان
مواضيع مماثلة
» ـ إدارة الذات : القواعد ذات العلاقة بتفعيل إدارة الذات
» وقفة مع الذات
» التحكم في الذات _ الجزء الأول
» خطور عملية لتطوير الذات
» كتاب : آدم سميث... قراءة في اقتصاد السوق
» وقفة مع الذات
» التحكم في الذات _ الجزء الأول
» خطور عملية لتطوير الذات
» كتاب : آدم سميث... قراءة في اقتصاد السوق
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت نوفمبر 30, 2013 5:57 am من طرف ايمن حسانين
» لقاء تليفزيونى للكاتب المسرحى / ايمن حسانين
الإثنين نوفمبر 04, 2013 3:20 am من طرف ايمن حسانين
» أحلى عيد لأغلى مموشة
الأحد ديسمبر 09, 2012 8:30 am من طرف FOX
» احترت في هذا العيد هل أعلن فرحي للمعايدة أم أعلن الحداد ؟!
الإثنين نوفمبر 07, 2011 10:15 am من طرف NoUr kasem
» محمود درويش . . تكبر تكبر
الخميس أكتوبر 27, 2011 8:56 am من طرف NoUr kasem
» المخلـــــــــــــــــــــص
الأحد أكتوبر 23, 2011 7:11 am من طرف NoUr kasem
» عيوني هي التي قالت : وما دخلي أنا
الجمعة أكتوبر 21, 2011 1:37 pm من طرف sanshi
» سيمفونية سقوط المطر
الجمعة أكتوبر 21, 2011 8:42 am من طرف NoUr kasem
» مسلسل "أوراق مدير مدرسة" يعرض مشاكل الطلاب والأساتذة وصعوبات التدريس الحديث
الجمعة أكتوبر 21, 2011 7:46 am من طرف NoUr kasem