خالد يوسف , مخرج اراد ان يكون مختلفا التمرد منهاج ارتضاه لنفسه يعشق ان يكون صاحب حالة مثيرة للجدل قد تتفق معه وقد تختلف ولكن لا تملك في النهاية سوي ان تحترمه لانه واضح كالشمس لا يجيد الزيف او الخداع ولا يدور في دوائر مغلقة بل يرسل رسالته الفكرية عبر افلامه الفنية يطرق علي قضايا مجتمعه وهو ساخن ويرفض اتهامه بالتشهير ضد بلاده لا لشئ سوي لانه يحب مصر بجنون ويتمني ان يراها افضل دولة في العالم ..


خالد يوسف تربي في مدرسة يوسف شاهين وأنشأ مدرسته الخاصة له فكره المختلف عن الاخرين ويحسب له مواقفه العروبية القومية التي جعلته واحد من أكثر المخرجين المدافعين عن القضايا العربية ..يري ان الفن والسياسة وجهان لعملة واحدة ويعترف انه ناصريا عاشق ومحب للزعيم الراحل جمال عبد الناصر ويعتنق مبادئه وأفكاره ويري ان إنجازاته هو ما يستر مصر الآن ويحفظها من الانهيار كما يؤمن بان عدونا واحد وهو الكيان الصهيوني ويرفعها شعار له " لا تصالح ولا اعتراف " بهذا المغتصب اللقيط لذا يكره بشدة كلمة " تطبيع " ويراها خاطئة فكريّاً ولغويّاً محذرا من الالاعيب الشيطانية الخبيثة التي تلجأ اليها اسرائيل واطماعها


التقيناه وحواره خاص حول فكره وارائه ومعتقداته ..في البداية سألناه رؤيتك السياسية كيف تكوّنت؟


ولدت في زمن الأحلام العظيمة والانكسارات العظيمة وكنت طوال الوقت واعياً بما يدور حولي وفي الجامعة كنت فاعلاً في الحركة الطلابية ومنها انتقلت إلى السينما ومن حسن حظي أن النقلة كانت إلى مكتب يوسف شاهين الذي اعتبره أكاديمية سياسية ووطنية.


ماهو السر وراء حرصك في معظم أفلامك علي اقحام اسرائيل في افلامك بدليل مشهد العلم في فيلمك الاخير دكان شحاتة؟


لأن إسرائيل هى العدو الوحيد لنا ولا يوجد أعداء غيرها فى العالم فهى الدولة الوحيدة التى هبطت علينا من السماء وأري ان الكيان الصهيوني لديه أطماع في المنطقة بالكامل وأن الدور علينا سيأتي فهذا الكيان القادم من المريخ يهبط ويستوطن ويتوسع في المنطقة بما يمتلكه من قوة لذا انا مؤمن بضرورة قطع كافة العلاقات مع اسرائيل وطرد السفير الصهيوني الذي دنس بعض الدول العربية وبالنسبة لمشهد العلم في "دكان شحاتة " فقد قصدت به تدنيس العدو لأرضنا متمثلاً بوجود سفارته على هذه الأرض وأنا الذي حلمت طفلاً بطرد السفير وإنزال العلم البغيض وما زلت متمسكاً بحلمي.


هل أصبحت هذه الرؤية هاجساً مرضياً لدى خالد يوسف؟


لا تعنيني تلك الاقاويل لاني مؤمن بقناعاتي بأن إسرائيل هي العدو الوحيد لي في هذا العالم ويجب ان ننقل لأبنائنا حقيقة أن هذا الكيان الإسرائيلى مغتصب لكى لا ينسى أحد وأري أن حائط الصد الوحيد للمقاومة هو رفض التطبيع الذى لو زرعناه فى قلوب أطفالنا فهو كفيل بانتزاع هذا الكيان من الأمة وسأظل ثابتا علي قناعاتي مدي حياتي بأنه لا تطبيع للعلاقات مع الإسرائيليين ولن أتعاون مع أي منتج إسرائيلي بغض النظر عن كونه مع الحق العربي أم لا.



ما السبب وراء الهجمة الصهيونية البشعة التي لا تتوقف تجاه الفلسطينيين واخرها الاعتداء علي المسجد الاقصي وضم المسجد الابراهيمي الي التراث الاسرائيلي؟


لو لم تكن لدينا حكومات عميلة ما تحولت فلسطين إلي ضحية لافتراس الآلة الهمجية الصهيونية لقد سئمنا كلاما واحادثيا لا تسمن ولا تغني من جوع ولا توجد كلمات يمكن أن تصف ما نحن فيه فقد تحدثنا منذ أكثر من خمسين عاما وبقي الأمر كما هو بل ازداد سوءا بسبب الأنظمة العميلة والاقصي يدفع ثمن التخاذل والتهاون العربي.


بعض النقاد اتهمك بالتعبير عن هويتك وانتمائك بتمجيدك للحقبة الناصرية في افلامك ؟


أنا ناصرى وأعلنها صراحة وأرى أن ما قدمه عبدالناصر هو الوحيد الذى سد الشرخ القائم بين الدول العربية وما قام به عبدالناصر من انتصار للفلاحين والعمال والبنية الأساسية التى كان يعمل على تأسيسها، هو الذكرى المشجعة الوحيدة فى تاريخ البلد ويمكن القول ان ما تبقى من إنجازات عبدالناصر هو ما يستر هذا البلد الآن ويحفظه من الانهيار.


هل لديك أمل في الاصلاح وعودة مصر الي ريادتها ؟


أنا أكثر شخص لديه أمل فى هذا البلد، وأستطيع أن أزايد على أى شخص فى ذلك، ولدى ثقة كبيرة فى هذا الشعب ولا أفقد الأمل لأننى لو فقدته سأفقد قدرتى على الحياة وهذه حقيقة وليست شعارات لكننى أرفض أن يجعلنى هذا الأمل أعيش فى خيالات بل أنظر إلى الأمور بواقعية، وبهذه النهاية فى الفيلم أطلق صرخة تحذير لنفسى قبل الآخرين، وأقول إننا سنكون أغبياء إذا وصلنا إلى هذه النهاية، وهى ليست رؤيتى وحدى، بل رؤية معظم المثقفين والمفكرين، ولابد أن نتكاتف حتى لا نصل إلى هذه الصورة.


ماذا كان رد فعلك بعد اشادة صحيفة معاريف العبرية بفيلمك حين ميسرة ؟


لا يهمني إشادتهم بالفيلم أو موضوعه أو أبطاله ولو كنت أعرف أن هذا سيحدث ربما كنت ترددت كثيرا في إخراج الفيلم لأن ذكر اسمي في صحفهم هو أمر لا يشرفني على الاطلاق والكل يعلم مواقفي تجاه هؤلاء الصهاينة قتلة النساء والأطفال وجرائمهم التي لا تحصى مع إخواننا وأطفالنا في فلسطين العزيزة ومن قبلها لبنان وغيرهما من الأقطار العربية الأخرى ، مثلي في هذا مثل كل العرب الشرفاء والغيورين على عروبتهم".


هل توافقني الرأي في أن فكرة رفض التطبيع الثقافي تجد قبولا شديدا من جانب المثقفين العرب ؟


كلمة التّطبيع تستفزّني لأنّه لا يوجد تطبيع بيننا وبين "إسرائيل". فهي ليست جارة قامت باحتلال قطعة من أرضي وكان لديّ علاقات معها وأريد أن أستعيد أرضي وأعيد علاقاتي الطّبيعيّة معها لذلك فكلمة التّطّبيع خاطئة فكريّاً ولغويّاً!


ولكن بماذا تسمي مشاركة المثقّفين والفنانين العرب في مهرجانات عالميّة تشارك فيها "إسرائيل" ؟


في المنتديات العالميّة لا نستطيع إجبارهم على منع استقبال الأعمال" الإسرائيليّة" فمثلاً عندما نشارك في مهرجان "كان" السّينمائيّ نمثّل ثقافتنا العربيّة رغم وجود "الإسرائيليّين" أمّا انسحابنا فلن يكون مجدياً، خصوصاً أنّ المقاطعة الفرديّة للمهرجانات الثّقافيّة العالميّة ليست مفيدة إذا لم تدعمها مؤسسات كبرى وللأسف المؤسّسات الثّقافيّة الرّسميّة العربيّة لم تناصر المثقّفين العرب ولم تدعمهم وبالتّالي يضيع المجهود الفرديّ وسط بحر إعلاميّ كبير تسيطر عليه الصّهيونيّة العالميّة.


البعض يتهمك بتشويه سمعة مصر؟


أنا صانع أفلام ولست إعلامياً ومهمتي هي الإضاءة على هموم الناس وقضاياهم وما يؤرقهم وليست مهمتي على الإطلاق أن أبيض وجه النظام أو حتى أن أكون حيادياً بمعنى أنه لو كان الثوب كله أبيض وبه نقطة واحدة سوداء فسأصنع فيلماً عن هذه النقطة وسأظل أصرخ حتى نتعاون جميعاً على إزالتها.


هل يعني كلامك هذا نوعاً من العداء مع النظام؟


الاختلاف شيء والعداء شيء آخر، فكما قلت لك ليس لي إلا عدو واحد هو إسرائيل، أما النظام في بلدي فأنا أختلف معه في أمور تتعلق بالعدل الاجتماعي والقبضة الأمنية لكني معه في خندق واحد هو مستقبل هذا البلد.


هل نستطيع فصل الفنّ عن السّياسة؟


الفصل صعب تحقيقه في مجتمعاتنا العربية لان الفن بالنسبة لنا ليس رفاهية بل تعبيرا عن الواقع فالسّينما "حدّوتة مرئيّة" يجب أن تكون مسليّة وفي الوقت نفسه لا بد وأن تتضمن إشكاليّة ما أو أن ترمي حجراً في البحيرة الرّاكدة في مجتمعنا لتعرية الواقع وهنا يكتسب الفنّ أهمّيته لاثارته الجدل وبذلك يتعاظم دور المثقف والفن الذي يجب عليه التعبير عن واقعه والنزول الي الشارع والمشاركة في التّظاهرات وإلا فقد أهمّيته عند عدم احتكاكه المباشر بالقضايا الكبرى التي لها علاقة بالقهر والظّلم في عالمنا العربيّ وهذه المشاركة جزء من ثقافته خصوصاً أنّه صاحب حلم دائم بواقع أفضل!


ما هو هاجسك اليوم؟


هاجسي هو درجة الوعي عند الشارع العربي لأنّ الحكومات العربيّة استهدفت وعي الأجيال الجديدة. لذلك أخاف من أن تكون نجحت في تسطيح عقل هذه الأجيال وتخريب وجدانها وبالتّالي لا يمكن أن تصلح لصناعة المستقبل لذا فان هاجسي هو البحث عن مشروع يكرّس ثقافة المقاومة في مواجهة ثقافة الاستسلام.

مع خالص محبتي واحترامي للجميييييييييييييع