ناجي جبر

ربما الكثير لايعرف الفنان السوري ناجي جبر "ابو عنتر" إلا من خلال ادواره التي تحمل طابع "الزكرتاوية" والحقيقة ان "ابو عنتر" الذي طالما اعتز بهذا اللقب الشعبي، انسان حمل كل صفات الانسانية والحب والوفاء والنبل والشهامة، فنان احبه الجمهور من خلال اطلالته المتميزة ورسخت صورته في اذهانهم ووجدانهم من خلال الكثير من الاعمال الدرامية والمسرحية والسينمائية.
ورغم ان الكثير من رفاق دربه تناسوه والبعض الاخر من النقاد يقول ان شخصية ابو عنتر انتهت بحكم الزمن وكثرة الاعمال الدرامية وبروز عدد كبير من الفنانين الموهوبين على الساحة الفنية، الا ان الحقيقة تقول عكس ذالك، ناجي جبر الذي اعتبر ان الفن يسري في عروقه، ابو عنتر ظل واقفا كالمارد على خشبة المسرح رغم كل الظروف الحرجة التي مرت بالمسرح، وفي كل عام كان يتحفنا برائعة مسرحية جديدة، يحاكينا ونحاكيه، نرسم له ايقاعات الحياة ويبادرنا بتلوينها، هاجسه الكبير انحصرفي اضاءة شمعة وحلمه البعيد ان يرى الناس ترسم البسمة الحقيقية على شفاهها.
ولد الممثل السوري في التاسع من شهر شباط لعام1940 في مدينة شهبا التابعة لمحافظة السويداء جنوب سوريا، وهو من أسرة فنية، إذ إنه شقيق الممثلين محمود جبر وهيثم جبر وأخو زوج الممثله هيفاء واصف وعم الفنانات ليلى جبر ومرح جبر.
انتقلت اليه عدوى الفن من شقيقه الأكبر محمود جبر وشارك في عدد من الاعمال التلفزيونية والمسرحية ، كما شارك في عدد من اعمال فرقة محمود جبر ومنها صياد وصادوني، سراديب الضايعين، النهب، طارت البركة.
أما التحول الأساسي في حياته ، كان عام 1970، حين اعتذر الممثل زياد مولوي عن تجسيد شخصية ، كان قد قدمها في عملين هما: "حمام الهنا" و"مقالب غوار". هنا ابتسم الحظ لناجي جبر وعُرضت عليه المشاركة في المسلسل الشهير "صح النوم" إلى جانب دريد لحام والراحل نهاد قلعي ، وتحت إدارة المخرج خلدون المالح. غير أن شخصية الأجير، لم تغره وفضل أن يؤدي شخصية ثانوية تلتقي بـ"غوار الطوشة" في السجن.
هكذا ، استطاع سريعاً أن يلفت الانتباه ، وخصوصاً بعدما وضع تعديلات على الكاراكتر، ليظهر بصورته النهائية مع "الشروال" والصدرية والكوفية والطاقية وكلمة "باطل" المطبوعة على الذراع، كما حرص على استخدام لغة شعبية خاصة ومفردات مستقاة من الشارع كـ"عرضية ، مالا فكاهة ، مالا مازية" واقترح اسم "أبو رعد" لهذا الدور... لكن نهاد قلعي فضل أن يكون الاسم "أبو عنتر".
"أبو عنتر" سيعود للظهور مرة أخرى ، في أعمال تلفزيونية أخرى ، بينها: "وين الغلط" و"وادي المسك" ، وصولاً إلى "عودة غوار" ، ثم أعمال سينمائية كـ"صح النوم" و"شقة ومليون مفتاح" و"غوار جيمس بوند"، ومنها ما قام فيه بدور البطولة المطلقة كأفلام "قاهر الفضاء"و"الاستعراض الكبير". وهذه الأفلام التي أنتجها القطاع الخاص يغلب عليها الطابع التجاري، مع ذلك لم تخل مسيرته الفنية من أعمال ستظل في الذاكرة الفنية ، لعل أبرزها الشخصية الجميلة في شريط "أحلام المدينة"لمحمد ملص ، وهو أحد أهم الأفلام السورية، كذلك ظهر ناجي جبر بشخصيات مختلفة في أفلام متفاوتة المستوى ، بعضها من بطولته كـ"عودة حميدو" و"باسمة بين الدموع".
بعد سنوات من الانقطاع عن الدراما التلفزيونية، عاد أخيراً مع أدوار شعبية في مسلسلات البيئة الشامية، بدءاً من "أيام شامية" حيث أدى دور شخصية مؤثرة هي "سيف"، وتبعها أربعة أعمال في الأجواء نفسها أنتجت العام الماضي هي: "أهل الراية" و"الحصرم الشامي" و"أولاد القيمرية" و"بيت جدي". ولم يغب ناجي جبر عن الدراما الاجتماعية ، إذ شارك في مجموعة مسلسلات ، منها العمل الإشكالي "غزلان في غابة الذئاب" للكاتب فؤاد حميرة.
و رغم أن أدوار جبر في التلفزيون تنوعت كثيراً، إذ شارك في "الخوالي"، "أبو المفهومية" ، "الرهان" ، "أولاد بلدي" وسواها، غير أنه استثمر طويلاً نجاح شخصية "أبو عنتر" حتى في المسرح التجاري. وتحولت الشخصية إلى جزء من ذاكرة أجيال ، تربت على أعمال دريد ونهاد ، حتى صار صورةً للشقي الدمشقي أو "الأزعر" في مخيلة ملايين المشاهدين العرب.
ودع الفنان ناجي جبر أهل الدراما والمحبين، ليرحل بعد صراع مع سرطان الرئة في أحد المستشفيات الشامية عن 69 عاماً، فمشهد وداعه من موقف جرمانا وصولا لمقبرة باب الصغير بباب مصلى لم يشبه جميع المشاهد التي أداها وعمل جاهدا ليضحك كل قلب حرين، وكذلك لم يشبه أيضا مشهد الحزن والألم الذي رافقه أيام مرضه.

ناجي جبر

ناجي جبر

ناجي جبر :: تعاليق